عندما يُساء فهم الدور: مسؤول السلامة ليس خصماً
في بعض بيئات العمل الصناعية يُنظر إلى مسؤول السلامة على أنه "العقبة" أو "العدو"، وبدلاً من أن يُرى كشريك في الحماية، يُتهم بأنه يشخصن الأمور ويتعمد التشديد ، هذه النظرة لا تعكس فقط غياب الوعي بثقافة السلامة، بل تكشف عن خلل أعمق: فغالبًا ما تصدر مثل هذه الاتهامات من موظفين لا يقومون بواجباتهم كما يجب، أو لا يدركون أساسًا معايير السلامة ومخاطر الإهمال فهم يتعاملون مع الملاحظة كإهانة، ومع التحذير كاستهداف، ومع النظام كقيد شخصي في حين أن مسؤول السلامة لا يبحث عن صراع، بل عن وقاية، ولا يوجه الملاحظات بدافع شخصي، بل بدافع مهني محض.
ليست التعليمات ولا الإجراءات ولا حتى التقارير أدوات لتصفية الحسابات، بل هي خطوط دفاع ضد الحوادث، حين يتجاهل أحدهم تعليمات السلامة ويُطلب منه التصحيح، ثم يرد باتهام شخصي، فهو في الواقع يحاول تغطية تقصيره بالهجوم، وكأن رفض الانضباط دليل على القوة.
هذه الثقافة مدمرة، لأنها تجعل من صوت التحذير صوتاً غير مرغوب فيه، وتخلق بيئة عمل طاردة للمسؤولية والحقيقة أن مسؤول السلامة، حين يرفض التهاون أو الإهمال، فهو لا يهاجم أحداً، بل يحمي الجميع، بما فيهم من يهاجمه.
المهنية الحقيقية تبدأ من إدراك كل موظف لدوره، وفهم أن الالتزام ليس خياراً، بل ضرورة وأن مسؤول السلامة وُجد ليحمي، لا ليعاقب، ليُنذر لا ليُعادي ففي ثقافات العمل الصحية، يُقدَّر هذا الدور ويُحترم، لأنه حائط الصد الأول في وجه الأخطاء المكلفة أما في البيئات التي تُشيطن الرقابة، فغالبًا ما تكون الحوادث هي من يُنهي الجدل، ولكن بعد فوات الأوان.